middle ad

المرأة العمانية في أولويات إهتمامات السلطان قابوس


عمان - يحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار من كل عام باليوم العالمي للمرأة ومن خلال هذا اليوم تبعث وزارة التنمية الاجتماعية تهانيها لكل نساء العالم، مؤكدين على دور المرأة الفاعل في صناعة الحضارات، وبناء المجتمعات، فهنيئا لكِ أما وأختا وابنة أينما تكونين في بقاع العالم الثريّ بتنوعه اللغوي والثقافي والاقتصادي والسياسي.

هذه المناسبة تتيح لنا أن نقف كل عام وقفة تحية واعتزاز لما قدمته المرأة للمضي قدما في مسيرة التنمية، ووقفة مراجعة وتقييم في ذات الوقت لما لها وما عليها، ووقفة تمعّن وتفكّر في التحديات القادمة ووقفة استعراض للطموحات المستقبلية من أجل مزيد من التقدم والرقي. ففي افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي توجّه السلطان قابوس في خطابه في جزء غير يسير منه للمرأة مثمنا دورها في بناء الوطن، ومناشدا إياهاhللمساهمة أقصاها في مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة ولك بالاستفادة من الفرص المتاحة جلّها ومحاولة التغلب على العقبات التي تعترض طريق أي عمل جاد.

ومثل هذا التكريم للمرأة والاحتفاء بها بوجود مؤسسات تُعنى بالممارسة الديمقراطية. وفي خطاب دوري للسلطان قابوس يرسم من خلاله ملامح العمل الوطني الاستراتيجي ويحدد أولوياته جاءت المرأة لتحتل النصيب الأوفر من الاهتمام مما يحتم عليها اثبات جدارتها وإظهار قدراتها فإذا كانت أحلامها عانقت السحاب في وقت ما مضى ها قد حان الوقت لتشمر عن ساعد الجد بكل طاقاتها فتوصيات ندوة المرأة العمانية التي باركها السلطان قابوس حددت خارطة الطريق وبات عليها - بمساندة أخيها الرجل وشراكته بالطبع - جهد جهيد لأن القادم أصعب فهو ينصب في تفعيل نوعيّ للتوصيات على المستويين الفردي والمؤسسي فما يتطلع إليه أكبر والمرحلة المقبلة مرحلة اختبار وتقييم وعطاء على مستوى رفيع يواكب ما تشهده الساحة من تفاعلات وتطورات باتت تفرض نفسها بقوة على كل دول العالم وشعوبه ليس فقط على الصعيد السياسي، ولكن أيضا على الصعيد الاقتصادي والثقافي والعلمي والإعلامي والتقني، وهو ما يؤثر بدوره على حياة الشعوب ونمائها.

فنهج السلطان قابوس ينطلق من قناعة معينها النماء بمعطيات الشراكة بين الرجل والمرأة ومساندة كل منهما للآخر؛ لأن التحليق للآفاق يتطلب جناحين يعزز تقدمهما الاتزان، وما تخصيص يوم للمرأة لتكريمها إلا إيمانا من المقام السامي وثقته بعطاء المرأة وأهمية دورها في البناء ودعما لجهودها ومساندةً لها لتحلق، وتقديرا من فكر السلطان قابوس المنطلق من مفهوم "إن الإنسان هو أداة التنمية وصانعها" وسعيا لترسيخ مبدأ الشورى والتعاطي مع العالم وفق سياسة أخلاقية أساسها "لا ضرر ولا ضرار"

والاهتمام من لدن السلطان إنما يشرع للمرأة مساحات للانتاج واثبات الذات فهي اليوم تجاوزت القضايا المتعلقة بالحقوق والواجبات التي سنّت لها قانونا بحثًا منها في قضايا الممارسات وتذليل بعض الصعوبات والتحديات للاستفادة من الفرص المتاحة لتحقق دورها الكامل في التنمية المستدامة، والبناء بفاعلية في سبيل إبراز قدراتها وتسجيل مساهمتها بصورة نوعية تتناسب والمرحلة التنموية التي وصلت إليها. فهي تأمل العطاء بكفاءة في المرحلة القادمة؛ لأنها قادرة على العطاء إذا ما أتيحت لها الفرص وأعدّت اعدادا جيدا بالعلم والمعرفة. وقد استطاعت المرأة العمانية أن تسجل حضورا مميزا بما حققته من مكاسب وإنجازات ذاتيه ومعرفية ومهنية ليس فقط محلياً وإنما على المستوى الدولي؛ فالمرأة شريك أساسي في بناء المجتمع وإبراز دورها الفاعل فتح آفاقا جديدة أمامها لتساهم في التغيير الاجتماعي والاقتصادي المنشود والذي يُلمس في ضوء ما تحقق من مساهمة المرأة في الجهود التنموية.

وبات على المرأة اليوم بعد كل ما أعطيت من حقوق دونما مطالبة أن تقول: "لديّ من الإمكانيات والطاقات التي أستطيع أن أخدم بها وطني وأسرتي وذاتي"، وذلك في اطار سعيها للتعرف على حقوقها والاطلاع على القوانين والاتفاقيات التي تهتم بالمرأة لأنه ما يزال لدينا نساء لا يعين حقوقهن في ظل دولة أرست القوانين ونظمت الجوانب الاجتماعية بصورة واضحة. وهناك سعي دؤوب قائم من أجل محو الأمية القانونية لدى المرأة سواء من خلال الدورات التدريبية أو المحاضرات التوعوية وذلك نتيجة عدم الاطلاع. فأحيانا نجد أن المرأة نفسها قد تتنازل عن حقوقها من قناعتها بأن طرح قضيتها يأتي من منظور "العيب"، فالمرأة تحتاج إلى من يقف معها ويساندها. والتشريعات موجودة والقوانين كذلك موجودة وهي نافذة متى ما حضرت قناعة المرأة بذاتها وبحقوقها.

وهنا لابد من الإشارة إلى ظاهرة عالمية لدى فئة النساء وهي أن العدو الأساسي للمرأة هي المرأة وليس الرجل، فمتى ما شعر الرجل بأن المرأة واثقة من نفسها ومقتنعة بقدراتها ولديها طموحاتها وقادرة أن تحافظ على كرامتها وشخصيتها واحتشامها سوف يساندها ويقف معها، لكن إذا رأى فيها نوعا من التخوف والتردد وعدم الثقة فمن الممكن أن ينتهز عدم الثقة ويستغلها بصورة سلبية، ومن المُلاحظ أن ثمة هجوما شرسا من المرأة ذاتها على المرأة الناجحة بصورة عامة. وباعتقادي أن سبب عداوة المرأة للمرأة هو تغيير للمألوف والسائد بأن مكان المرأة الأول والأخير هو البيت، ومسؤولياتها وأولوياتها هي الزوج والأبناء، وأن عليها أن تنظر إلى الآخر قبل أن تنظر لنفسها فأولوياتها الآخر واهتمامها هو الآخر، وتأتي هي في آخر سلم الاهتمامات فنراها دائما تأكل في الآخر بعد الأولاد والناس وآخر من ينام في البيت، فهي الجندي المجهول. والتغيير بيد المرأة عندما تستطيع القول بأنها الأول لأنها هي من تعمل وهي من يرتب ويهتم بشؤون المنزل والأسرة.

أنا مع المرأة التي تهتم بالآخرين ولكن عليها أن تهتم بنفسها فنجاحها على مستواها الشخصي هو الذي يفرض نجاحها داخل البيت وخارجه، والمرأة الناجحة في بيتها هي التي تنجح خارجه.
قناعة

إن قضايا المرأة شائكة وتحتاج قناعات من المرأة نفسها، كاقتناعها بقدراتها وإمكاناتها وطاقاتها والوعي بقضاياها بفكر مستنير وعميق. فالتنمية هي الفكر المستنير الواعي لأي إنسان؛ فالتنمية الشاملة من بداية السبعينات هي تنمية للإنسان وتنمية للمكان وتنمية للقدرات، وتنمية للطاقات الكامنة. والتنمية مفهوم عام وشامل فإذا تناولنا الجانب الاجتماعي للتنمية فإننا نفتح قنوات جديدة للمفهوم الاجتماعي والذي يعني مثلا أن نتكلم عن قضايا المرأة اليوم والتي كانت تعتبر من المسكوت عنه أو من العيب في الثقافة العربية السائدة. فالتغيرات الاجتماعية السريعة التي هي نتاج العولمة والإعلام المفتوح ودخول ثقافات مختلفة في مجتمعاتنا الخليجية أفرزت قضايا اجتماعية مختلفة منها ما يمس المرأة مما يستدعي الطرح الواعي والمنطقي


الذي لا تقيّده الأعراف التي يتمسك بها المجتمع ويرمي بها على عاتق الدين حتى لا يتكلف عناء المساءلة.
رسالة

تُعقَد الأمنيات على المرأة في عيدها هذا للسعي نحو زيادة جرعات الثقة بشخصيتها، تلك الثقة المبنية على أسس معرفية وثقافية ذات مستوى من الوعي بما لها وما عليها. ورسالة أخرى توجّه للوالدين والأم تحديدا حول ضرورة عدم التمييز في التربية بين البنت والولد لأن هذا هو الذي أفرز قديما ما يسمى اليوم بالمجتمع الذكوري. كما يُنتَظَر من إعلامنا أن يقدم في برامجه المختلفة لاسيما في الدراما الهادفة صورة المرأة المثقفة الواعية وأن ينأى عن تقديمها في قالب نمطي في صورة المرأة المظلومة أو الشريرة أو السلبية.


احتفال السلطنة باليوم العالمي

تشارك السلطنة دول العالم في الاحتفال بيوم المرأة العالمي وبهذه
المناسبة أشار المكتب الفني للجنة الوطنية للسكان في كلمة بهذه المناسبة إلى أن احتفال السلطنة هذا العام بيوم المرأة العالمي يأتي مدعما ومتوجا بفيض المكرمات السامية التي شملت المرأة وقال المكتب في كلمته: يحتفل العالم في الثامن من مارس من كل عام بيوم المرأة العالمي ويأتي الاحتفال هذا العام تحت شعار "المساواة في الحقوق. فرص العمل المتكافئة. التقدم للجميع" ملخصا أهم ما جاء في إعلان ومنهاج عمل بكين في ذكرى مرور 15 سنة على المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة والذي عقد في بكين عام 1995م. ووفقا للأمم المتحدة فإن منهاج عمل بكين هو أشمل إطارا للسياسات العالمية الداعمة لحقوق المرأة وتمكينها من أجل استدامة التنمية وتحقيق السلام العالمي عبر التأكيد على المساواة بين الجنسين لمعالجة قضايا الفقر، والأمية، والمرض، والعنف، والصراع المسلح، والتدهور

البيئي، والتمتع بحقوق الإنسان، والمشاركة في مواقع صنع واتخاذ القرار وغيرها.
كما يتزامن الاحتفال هذا العام مع انقضاء ثلثي المدة المخصصة دوليا لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة، والتي ينص الهدف الثالث من أهدافها على "تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة كحق من حقوق الإنسان وركيزة أساسية للتنمية المستدامة. وقد أوضح إعلان الألفية أن هذا الهدف يمكن تحقيقه عبر "إزالة التفاوت بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي ويفضل أن يكون ذلك بحلول عام 2005، وبالنسبة لجميع مراحل التعليم في موعد لا يتجاوز عام 2015"، على اعتبار أن تمكين المرأة من فرص التعليم هو المفتاح الأساسي لتمكينها من أداء أدوارها المختلفة في الحياة، الاجتماعية منها والاقتصادية والسياسية وغيرها.

ويجسد احتفاء السلطنة بهذا اليوم من كل عام الاهتمام الذي شمل المرأة العمانية منذ بدء فجر النهضة المباركة، والسياسة الحكيمة التي استهدفت تمكين المرأة أسوة بشقيقها الرجل وعلى قدم المساواة ودون تمييز في الحقوق، وتهيئة البيئة الداعمة وخلق الظروف الموضوعية المساندة لتقدمها ونجاحها بما يتوافق وقيم المجتمع وأعرافه. وتشمل البيئة الداعمة مضامين عديدة منها السياسات والخطط والبرامج الحكومية، والقوانين والتشريعات، ومنها ما هو متعلق بالبيئة الفكرية وأعراف المجتمع وقناعات فئاته المختلفة بأهمية مشاركة المرأة في كافة الأصعدة. أما الحقوق فقد تم التأكيد عليها بنصوص ملزمة في النظام الأساسي للدولة حيث نصت المادة "12" على "أن العدل والمساواة وتكافؤ الفرص بين العمانيين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة"، ولا يوجد في القوانين والتشريعات الوطنية أي تمييز بين الجنسين في الحقوق المكتسبة والواجبات المقرة.

وقد انعكست السياسات الحكومية المختلفة المتعلقة بتمكين المرأة إيجابا على مختلف المؤشرات المرتبطة بتضييق الفجوة بين الجنسين ولا سيما في التعليم، وفي المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية، بحيث تمكنت السلطنة من تحقيق الهدف الإنمائي الثالث للألفية والغاية المرتبطة بها قبل موعدها، ليصبح بذلك الحفاظ على هذا الإنجاز من التحديات في هذا المجال.
ويأتي احتفال السلطنة هذا العام بيوم المرأة العالمي مدعما ومتوجا بفيض


مكرمات السلطان قابوس التي شملت ندوة المرأة العمانية التي استضافها المخيم السلطاني في الفترة "17-19" أكتوبر 2009م، ومنها تخصيص 17 أكتوبر من كل عام للاحتفال بيوم المرأة العمانية. الأمر الذي يحمّل المرأة العمانية مسؤولية الاستمرار في التقدم والمساهمة في دفع عجلة التنمية حفاظا على المنجزات التنموية الحالية وتمهيدا لمستقبل أكثر إشراقا للأجيال القادمة.
قد يهمك :

0 التعليقات: